عزلة رقمية في زمن الاتصال: حين تتحول السوشيال ميديا إلى سجن بلا قضبان
في عالم غارقٍ في الإشعارات والضجيج الرقمي، حيث لا ينفك أحدنا عن لمس هاتفه كل دقائق، يبدو أننا نعيش في ذروة “الاتصال”. ومع ذلك، لم يكن الإنسان يومًا أكثر وحدة. المفارقة المؤلمة أن ما يُفترض أن يقرّبنا من بعض، بات يُبعدنا عن أنفسنا. نشاهد، نُعلّق، نُعجب، نُشارك، لكننا لا نتواصل بحق. نظن أن في العالم الافتراضي حياة بديلة، بينما هو في كثير من الأحيان مجرد عزلة مقنّعة بابتسامات مُفلترة وضوء أزرق بارد. في محاضرته المؤثرة، يتحدث الطبيب النفسي تيري كيوبيرس عن آثار العزلة القسرية على الدماغ. كيف يمكن لفقدان التواصل الإنساني أن يُحدث تغيّرات عميقة في كيمياء العقل، في الإدراك، وفي القدرة على التمييز بين الواقع والوهم. الاكتئاب، القلق، اضطرابات الذاكرة، كلها نتائج محتملة لعزلة مطوّلة. وما يثير القلق هو أن هذه الأعراض لم تعد حكرًا على زنازين السجون أو المرضى النفسيين، بل أصبحت حاضرة في تفاصيل يومية يعيشها مستخدمو السوشيال ميديا حول العالم. كلما زادت ساعات التصفح، تراجعت القدرة على التركيز، تقلصت الروابط الحقيقية، وتعاظم الشعور بالفراغ. نحن لا نعاني من نقص التواصل، بل من زيفه. نستهلك وجوه ...