“ الأوطان هي التي تبقى وأن الهدف يجب أن يكون بقاء الوطن وليس بقاء أي حكم أو نظام !
-كتبها الطيب الصالح في وطني السودان عندما بدأ رحلته مع الهجرة في عام ١٩٦٦التي أصدر روايته موسم الهجرة إلى الشمال التي عانها عدد لابأس به من الكتّاب في تلك الحقبة وحتي العام ١٩٤٥ آي أواخر النصف الأول من القرن العشرين كان مؤسس الرواية العربية نجيب محفوظ يشق طريقه ليصدر قصته "القاهرة الجديدة" التي كان الاعتراف بها ممتعضاً لأنه أدب دخيل على الأدب العربي من شعر ومعلقات وكانت للحظات نشرها غير مهيئة للاعتراف بها في الصالونات الأدبية العربية ، على نحو مناقض لها تماماً فقد كانت الصالونات الأدبية في أوربا (إنجلترا ، فرنسا وروسيا ) تذخر بالروايات التي تتكاثر سريعاً وبدأت بإنشاء العديد من المذاهب والاتجاهات الأدبية مثل الواقعية والواقعية السحرية لذلك نجد هذا المستوى من التباين في المستوى الفني للكتابة بين الأدب العربي الحديث و الاداب العالمية الذي لم يعطي للرواية حقها بإستخدام تقنيات مدروسة ومُؤسسة لهذا الجنس الآدبي حتى عصرنا التي لم تعرف الرواية والقصة القصيرة لأساليب وتقنيات سوى نقلها مترجمة من اللغات الأخرى كما هي
فالإسلوب والموضوع والحبكة والسرد هي كلها أساليب بدأ بها اليونانين واشتهرت فيها أوربا الآن، لذلك يعود انتقاء المكان والزمان في مخيلة الكاتب العربي لتجربة شخصية متجاهلة كل مؤلفات "رولان بارت وفلسفته الفكرية" بقتله للمؤلف" وباتت الهجرة في عصرنا الحالي سلعة رائجة على رفوف المكتبات الغربية فمتشرداً بين لندن وباريس لجورج أوريل ، الغريب لألبير كامو وغيرها ليست مجرد تسميات أجنبية . لأنها انتقلت للكتّاب العرب بالترجمات كما أشرنا سابقاً أو بالتأثر بالمناخ العام للبلد المُضيف للكاتب لاحقاً والجو العام للمكان لتصبح هناك خلافات شديدة مع "قاهرة" نجيب محفوظ التي كانت تنقل واقع مصر بطبقاته الاجتماعية وبيئته العربية ، ومثيله "دعاء الكروان " لطه حسين الذي كان يدعو لنبذ التطرف وجرائم الشرف وتعليم البنات ، على الرغم من أن الصياغة الفنية في العصر الحالي متقنة والحبكة محكمة ومسرودة بعناية شهرزاد لكنها أصبحت الروتين والبرود مع حالة انتشار الفوضى في أغلب الدول العربية وإذا انتقلنا لمرحلة الطبقات الإجتماعية والسياسية والثقافية، فأصبح البحث عن النموذج الأوربي المثقف بكل آبهاته وقصوره الغناء الهدف المنشود لشريحة لا بأس بها من الكتاب العرب فبدأت هجرة الكتب العربية من باريس لعيون كوبنهاغن لسماء بروكلين ، كلها رحلات جميلة ومسلية وعوالم يستطيع اكتشافها القارىء عبر تصفحه الأنترنت أو قراءة فولتير وتشيخوف وكافكا ولكنها لاتمت للواقع العربي الحالي بِصلة. و مقارنة بنجيب محفوظ الذي لم يتخلى عن قاهرته في أغلب رواياته وظل حنا مينا يصور سوريا لآخر ورقة كتبها ببحرها الأزرق ومصابيها الجميلة ، أخيرا الكتّاب في عصر وسائل التفكك الإجتماعي تخلو عن المواطن العربي كما تخلت عنه جميع أنظمة حياته ، والسؤال هنا: لماذا يتنكل الكاتب العربي من مجتمعه ولا يحاول أن يحكي قصص قومه ؟ كيف ستكتب كتب الأدب بعد أربعين عاماً لطفلة جائعة بأن كتاب أفنوا أعمارهم بذكر جمال برج إيفل ونسوا جوعها ؟ هل ستذكْر تلك النصوص في الكتب المدرسية ؟
الكتابة مسؤولية قبل أن تكون بريستيج
تعليقات
إرسال تعليق