التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عندما يغني القمر ين الجدارة والخسارة الكارثية .. ياهلا بالورد "" خمس سنوات وثمانية شهور ونصف على غروب آخر يوم هادئ "" .,,,,, من مقال ينشر قريباً ... بقلم : مروان صواف


بين الجدارة والخسارة الكارثية .. ياهلا بالورد
"" خمس سنوات وثمانية شهور ونصف على غروب آخر يوم هادئ "" .,,,,, من مقال ينشر قريباً ... بقلم : مروان صواف
في أدبيات الخطاب اليومي في عاصمة الرشيد ، بل لدى الإخوة الأحبة في العراق عموماً ، ثمة تعبير حلو يبادرك به صاحب المكان عندما تزوره فيقول لك مرّحباً :: ياهلا بالربيع .. ياهلا بالورد ... العبارة بحلاوتها آسرة بما يتيح لك وبالبداهة أن تسأل ، ماالذي حدثَ ويحدث لأحبة لم يغب الربيعُ والورد عن ألسنتهم يوما ، وكم بدا على محياهم بعدما جرى ويجري...وفي أدبيات الخطاب اليومي في الشهباء حلب بسوريا ، هناك عبارة ملؤها الود ولايخال المرء أن ثمة عبارة أرقّ وأجمل منها في أدبيات الحوار ، وهي عبارة "" أبوس روحك أو قُبلة لروحك """ هل ثمة تحية أو قُبلة أجملُ من هذه يمكن أن يطبعها المرءعلى جبين عزيز .. فإلاما آلَ حالُ مدينةٍ يُهدي أبناؤها قُبلهَم بهذه العذوبة قبل أن تهدي أرضُها الخيرات كعاصمة اقتصادية وباقات ورد من القدود والموشحات كموطنٍ للفن والثقافة الرفيعين ؟ ..... بين الجدارة ،، والخسارة الكارثية ،، يبحث المرء عن خيط رفيع واه ،، بين آمال الانسان في بلاد أمِلت بربيع ديمقراطي مزهر سياسياً وثقافياً اجتماعياً وعلمياً حضارياً ، وبين اعصار مدمّر يكاد يمحو كلّ أثر ليس لقُبل مست الروح والوجنات ، وانما لحواضرَ شاخ أبناؤها وهي شابة وذبُل الياسمين لديها واصفر وهو في ريعان الصبا ،، وظلت وحدها شامخة تنتظر قطار الربيع في محطة أين منها محطة الرحابنة الشهيرة في مسرحيتهم الأثيرة .....وتكاد المدينة - أية مدينة نازفة لو شئت - تصرخ في وجهك وأنت تجوب كاعلامي موثّق أو كدرامي مجسّد لافرق أركانها :: أحقاً جئتني لتصف ماآل اليه حالي في فيلم أو رواية أو قصيدة أو مسلسل أو تقرير إخباري وثائقي ؟؟ أأنت قادر على هذا ..لأعترف " موثّقاً " أن هذا السؤال ملكني تماماً وأنا أتأمل - ليس مايبث على مدار الساعة ومن تقاريروأخبار ملكت وقتك وساعات نومك عن الحاضرة العربية وقد وُضِع رأسُها على المقصلة ليبترَ أو يكاد فقط ،، وانما مايبث من أعمال درامية مابرحت تلهث منذ مايتعدى السنوات الخمس ونصف السنة لتسجل شهادتَها فيلماً ومسلسلاً ورواية بوجه خاص عما جرى ... ويجري .."
-----------------------------------------------------------
حديث الذات ،، الى الذات
في زنزانة ضيقة تتسع لفرد واحد بالكاد ،، تُحشَر سجينتا رأي تخضعان لإستنطاقٍ يومي يمسُ العقلَ واللسانَ والجسد ،، كان ذاك في مسلسل درامي عربي حمل اسم " قلم حمرة " وبُث في أرجاء الأرض العربية وعلى الشاشات كلاً في موسم رمضانيٍ ماضٍ ,,, " قلم حمرة " كناية عن أداة التجميل المعروفة التي تستخدم لتذويق الشفاه لدى الإناث ،، المشاهُدُ العربيُ المتابع بدا مأخوذاً بأداء السجينة ورد ومثيلتها وهما تشغلان – تجاوراً وتجاوزاً - أرضية الزنزانة الضيقة الواحدة وقد وقعتا تحت تأثير حديثهما المشترك إثرَ عودة إحداهما أو كليهما معا من أحدث وجبة تحقيق – أو تعذيب ،، الى أن تكتشف احداهُما " واسمُها ورد " فجأة أن رفيقتَها فارقت الحياة وقد توقفت شفتاها عن الحركة رُغم استمرار الصوت والنجوى والحديث المتبادل ,,, فتبدأ بالصراخ معلنة وفاة الرفيقة ضاربة جدار الزنزانة وبابها الحديدي ، وبكل ماأوتيت من قوة دون جواب سوى الصراخ في وجهها والقول "" إن المعنيَ بسحب الجثة ليس موجوداً قبل صباح اليوم التالي " ،، فتستسلم " ورد " الباقية على قيد الحياة والتي ساقها مشوارٌ عابر لشراء " قلم حمرة " الى الإعتقال أربعين يوماً ، وتتمدد في وضع مماثل لجثمان الرفيقة الراحلة ،، وكم يبدو المشهد مؤثراً عندما يفتح بابُ الزنزانة في الصباح الباكر وجسد الموظف المعني يقفُ ليحجبَ النور عن البوابة متسائلاُ بلسان من اعتاد تفاصيل مهنته وألفها " من فيكما المتوفاة "" ؟؟ ,,,,, كان ذاك مشهداً أثيراً من مسلسل تلفزيوني خاطبَ العقولَ والأفئدة قبل أن تبدأ السنة الخامسة من سنوات " الربيع العربي " ,,, أو " المخاض العربي " ,,, أو زلزال العنف الدامي وقد ضرب أرضنا العربية عامة ,سوريا مثالاً وفق مسرح الأحداث في المسلسل المعني ,,,,,
------------------------------------------------------
ياهلا بالورد ،، ياهلا بالربيع ،، والهدوء النسبي ,,,
------------------------------------------------------
ربما دفعتك قراءُتكَ ومعاينتك الدرامية لشخصية وملامح السجّان في المثال السابق الى سؤال بدهي :: هل يبكي الحارسُ السجّان مثلما نبكي ، أيحزنُ ويفرحُ شأنُه شأنُ زبائنه القابعين خلف القضبان ، هل يفزع القاتل من دم الضحية في لحظة انسانية صرفة ؟ ,,, قد يحمل المثالُ القادمُ بعضَ الإجابة ,,,, اسم المسلسل هذه المرة " هدوء نسبي " وزمن انتاجه سابقٌ لزمن " الربيع العربي " بسنتين ، فلا شك أننا لانستطيع اختزال الأعمال الدرامية التي تتناول هذا الربيع أو المخاض بالسنوات الخمس التي تسعى وبومضة لتصبح سنواتٍ ست وربما سبع وربما أكثر ، إذ أن أحداث الربيع أو المخاض أو الإنفجار العربي إن شئت لم تُقدّ من صخر ، ولم تهبط – هكذا كخيمة أو غيمة – لتغطي كلّ شيء فجأة ، بل إن ثمة مقدمات وتباشيرَ وبروقاً ورعوداً سبقت هطول المطر الغزير العربي وبالتالي السيل العربي " السوري " مثالاً " والفيضان الدموي العربي " اليمني والعراقي والليبي " حدوثاً على الأقل بمنظور الأديب والفنان ,, واحتمالات الغيم الأحمر الدموي الماطر المفاجئ ماتزال ماثلة في كل من عاصمة الحراك ومنطلقه تونس " بثورة الياسمين فيها ، والمحروسة الأم الحاضن مصر كما عرفناها وتربينا مذ كنا صغاراً ,,,, هذا كلّه عصيٌ على الإختزال كما في الأعمال الإبداعية التي سعت لتوثيق الحروب العربية الإسرائلية درامياً سينمائياً مثلاً " فيلم العصفور ليوسف شاهين ونكسة عام سبعة وستين وصولاً الى الإستقالة المستحيلة ،، فيلم بور سعيد رفيقُ طفولتنا لعز الدين ذو الفقار والعدوان الثلاثي ،، فيلم أغنية على الممر لعلي عبد الخالق وقصيدة وانشودة الحرب الأليمة ،، وأفلام بالجملة – أكثرها تجاري للأسف - سعت لإحتواء أحداث حرب أكتوبر عام 73 ،،، وفي مشهد أثير من مسلسل " هدوء نسبي " انتاج عام 2009 " تأليف الكاتب خالد خليفة وإخراج التونسي شوقي الماجري ،، ينفرد تاجر الأسلحة الشاب " الممثل العراقي فاضل جهاد فاضل " بجثث ضحاياه فيصاب بالإرتعاد والحزن ويكاد ينهار إنسانياً " تاجر الموت يعانق ضحاياه ويصافح الموت في مكاشفة ضارية " ,,,, لعلك أمام طبعة أو نسخة أولى من كتاب مطبوع يحمل في كل مرة عبارة " نسخة جديدة ومعدّلة " لأحداث انغمس كاتبها كما مخرجها في ظلمة ليل لاصبح له آملين بهدوء نسبي يتخلل جولات القتال والإقتتال فيه ، وبما يماثل أو يشابه ذاك الذي يحياه المرء في حروب نظامية مشروعة مع عدو نظامي وعلى جبهة نظامية إن صح الوصف ,,, أنت هنا أمام اقتتال وليس قتالاً ينتهي بحدود شهر مثلاً " أقل أو أكثر قليلاً " كما في حالة الصراع العربي الإسرائيلي عبر حروب معروفة تاريخياً وتوثيقياً منذ وقوع النكبة عام ثمانية وأربعين ,,, أنتَ هنا أمام انهيار للبنية وشرخ وانقسام مجتمعي وحروب أهلية " إن صح التوصيف علمياً " ونشوء وسطوة مايسمى – ولأول مرة في الأرض العربية وبهذا القدر من الإتساع والتنامي – طبقة أمراء الحرب حيث لاهدوء نسبياً فيما يحياه المرء عربياً " وسورياً بوجه خاص " وحيث الرعب والضياع " اللجوء أوالهروب " لملايين داخل الأوطان وفي الشتات وحيث الإنهيار الهائل لبنية الدولة بالمفهوم العلمي لبنية ومقدرات الدولة وبما تعشق أدبيات السياسة والإعلام الى توصيفه بعبارة " الدول الفاشلة " ,,دون أن تلوح هناك بارقة أوبصيص أمل ينبئ بالنهاية وبعودة من جاء بشراهته للدم من حيث أتى أو زجّه في قفصه من جديد واحتمال عودة من هاجر ولجأ وغادر في قوارب الموت وغيرها ربما الى بيته وبزوغ فجرٍ جديد بما يعنيه بزوغ الفجر ,,, فكيف يعبّر المبدع العربي عن مشهد كهذا ؟
ياهلا بالربيع ،، والمواطن الصحفي
,,, علينا أن نتفق بدايةً على أننا بحاجة الى تعريف وتوصيف المبدع ذاته " فقد أفرزت حالة الربيع العربي " إن كان ثمة اتفاقاً على المصطلح " حالة فريدة غير مسبوقة في الأرض العربية لمفهوم منتج المادة أو مبدعها " وثائقية بوجه خاص "، فمنذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 مثلاً في المحروسة مصر وعبر الثمانية عشر يوماً الأولى بوجه خاص ومنذ تباشير ثورة الياسمين في تونس قبل ذلك برحيل البوعزيزي كحدث يؤرخ للحراك ،، ظهر مايعرف بالمواطن الصحفي أو الموثّق الحر " حيث الكتِف أو الجذع الأيمن من الجسد مدمّى مثلاً لصانع الفيلم أو المادة ،، والكتف الأيسر يحتضن كاميرا التصوير ويسجّل "" ، أنت هنا أمام مادة ثرية وهائلة القيمة وثائقياً وإن كنتَ أمام مادة لاتنطبق عليها الشروطُ الفنية والمهنية بمعناها المعروف سينمائياً أو تليفزيونياً أو صحفياً عبر التحقيق الصحفي المنشور ،، وعليك أن تقبلها ، إذ حتى لو ضحينا بالمجد الأدبي والفني لإنقاذ وطن وقبل الكارثة بثوان ، حتى لو أصبحت آثارُنا الأدبية وأشعارُنا ومقالاتنا أقربَ للمنشورات التي تُلصَق على الجدران وقد تدنت قيمتُها النقدية فذاك مطلوب ومشروع ، فما بالنا بوطن غدا في حضن الكارثة وليس في الطريق اليها ؟ ,,,, أنت هنا لاتتمتع بترف الإنتظار و تأمّل وعشق الفنان لمبدأ التجويد ، وإن كنت تتمنى أن تحوز على الأمرين معاً " ، أنت هنا محكوم بسرعة الإنجاز فيلماً ولوحةً وقصيدة ورواية ، وأقصى مُناك َ ربما هو قيمة ماتنجز بأقرب وأسرع وأعلى مستوى ممكن ,, وإذا كانت الأمثلة هنا أكثر مما تعد لما نسميه بفيلم الميدان أو قصيدة الميدان أو موسيقى الميدان ، فلعلي أشير الى مثال بعينه يمكن أن يُحتذى كقدوة للإبداع الشعري الموسيقي في آن ، وقد حمل اسم " مغناة أوملحمة أحمد العربي " أشعار محمود درويش التي أزهرت موسيقياً وغنائياً بإبداع الفنان مارسيل خليفة لها في عمل لافت فلسطينياً وانسانياً على مستوى العالم كلّه " أنا أحمد العربي فليأتِ الحصار ،، وطني هو الأسوار فليأتِ الحصار ،، فأنا حدود النار ،، إذهب عميقاً في دمي ،، إذهب عميقاً في الطحين " ,, لاأعرف لمَ بالضبط يتذكر المرء تجليات الراحل محمود درويش وهو يرصد جملة أفلام وثائقية بدا أبطالها أقرب لملامح أحمد العربي كما نشده درويش وخليفة .. أهو حصار الجوع ،، أهو حصار النار والدمار ،، أم هو حصار البحر وقد أحاط بقوارب الموت ،، البحرالذي طالما مثّل عشقاً وهياماً درويشياً ،، أم لعله حصار جليد الغربة واللجوء وعذاباتهما ؟ ,, أم حصار القهر في الوطن قبل الشتات ؟ ,,,,, ربما توارت هذه الأسئلة كلاً ، ليتقدم تأسيساً عليها سؤالٌ قد يبدو شاعرياً في صيغته ، إنما جوهري في معناه ،، هل يمكن أن أنزوي في ركن وبيتي يحترق لأرسمَ لوحةً عن الحريق ,, هل يولد الفن في حضن الدمار ,, ربما أسلم الكل قيادَه وهو يجيب عن السؤال للقصيدة فبإمكانها أن توّثق للحدث أثناء – أو بعد حدوثه مباشرة – كأحمد العربي ، وربما انحنى الروائيون أمام فصول الكارثة – إن كان ثمة كارثة - أو أمام فصول مهرجان للفرح – إن كان ثمة فرح – ربما انحنوا ساعاتٍ فقط قبل أن يضعوا أسساً لروايتهم المنتظرة ،، المسرحيون مثلاً لايستطيعون تمثّل المشهد الآني الصارخ وإبداع مشاهدهم وتقديمها فوراً على الركح أو الخشبة ، لذا تراهم ينتظرون شهوراً قد تقارب السنة زمنياً على الأقل قبل إطلاق عملهم وإشهاره " مسرحية حفلة سمر من أجل خمسة حزيران لسعد الله ونوس مثالاً " ، لكنّ ثمةَ نوعاً فنياً قوامه الآنية والإبداع الفوري الميداني في خضم اللهيب وأثناء وقوع الحدث وهو الفيلم أو الشريط الوثائقي المصوّر ولهذا النوع ينتمي مثالنا القادم ,,,,,
ماءٌ بلون الفضة ، أم شريط أحمر قانٍ بلون الدم ؟
محال إذن أن يكون ثمة أفلام روائية عن " الربيع أو المخاض أوالزلزال العربي مؤهلة للقراءة النقدية آنياً وهذا منطقي ففيلما " أغنية على الممر " والعصفور " الروائيان وقد خرجا من رحم الألم إبان هزيمة حزيران عام سبعة وستين وماتلاها ، تطلّب انجازُهما ، وبما يليق ، ثلاث الى خمس سنوات – انتاج 1972 ، الأول على سبيل الذكراستُمِدَ من مسرحية تحمل الإسم ذاته " أغنية على الممر " كتبها علي سالم ونظم أشعارَها عبد الرحمن الأبنودي وأخرجها سينمائياً علي عبد الخالق ، وكان على صانعي الفيلم أن يتقصوا - وكالمسرحية تماماً - يوميات فصيلة مشاة مصرية تم حصارُها فيما كانت تدافع عن أحد الممرات الإستراتيجية في سيناء رافضة التسليم ، وكان على مبدعيه أيضاً أن يرتقوا الى مرتبة طموحات أفراد الكتيبة المحاصرة ماقبل الحرب وأمانيهم إذا ماعادوا من الحصار ، تماماً مثلما احتاج فريق العمل في فيلم بور سعيد بقيادة الراحل عز الدين ذو الفقار إخراجاً والفنان فريد شوقي ، بطولة وأداءً ، الى سبعة شهور فقط كانت كافية لإنجاز الفيلم و لتوثيق حياة أبناء مدينة ، بل وتجسيد ملامح عميلة استخباراتية تعمل لصالح الإستخبارات البريطانية وقد أدت دورَها باقتدار الفنانة ليلى فوزي في شريط يعد الأسرع انجازاً بين الأفلام التي استمدت من واقع المعارك التي خاضتها الشعوب على مر تاريخ السينما الحربية ,,, الأمر غير متاح إذن سينمائياً وروائياً ،لكنه مباح تماماً في الرصد البصري الوثائقي الآني في السينما الوثائقية والتسجيلية بوجه خاص ،، ومن هنا بدا احتفاء المهرجانات السينمائية الدولية صارخاً أحياناً بسينما الربيع العربي وثائقياً وتسجيلياً إن صح الوصف ,,, وإذا كان مثالنا محدداً بالفيلم السوري الوثائقي " ماءٌ بلون الفضة " وبالاحتفاء الملفت به من قبل مهرجانات السينما الدولية " جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان لندن السينمائي ، وتنويه نقدي من قبل مهرجان كان السينمائي بدورته السابعة والستين " فالأمثلة كثيرة بحق انطلاقاً من ثورة الياسمين في تونس ومروراً بالثمانية عشر يوماً الأولى فيما وصف بالإندفاعة النبيلة الأولى في ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر ، وصولاً الى زلزال سورية وتوابعه المائلة أمام العيون حتى الآن ,,,, وقد يكون مفيداً أن نتوقف عند ماقاله سينمائيو ولجان تحكيم مهرجان كان السينمائي توثيقياً ، مما جاء في الوصف القول :: " هذه إضاءة حقيقية على المأساة السورية بكل المعايير الإنسانية والأخلاقية والفنية " ويتوقف المرء وقد شاهد الفيلم الوثائقي القصير عند عبارة " المعايير الفنية " ذلك أن الفيلم " ماءٌ بلون الفضة " تم تصويره بواسطة هاتف محمول وظفته فتاة من حمص " وئام بدرخان " للنفاذ وفي يوميات دامية وبرفقة طفل " بطل الفيلم الذي تمكن من النفاذ عبر الأطلال وخطر الموت الى عمق الأحداث التي عاشتها مدينة حمص في المنطقة الوسطى بسوريا وهو يحاول الوصول الى منزله ،، ورغم أن المادة التي جمعت خضعت لإشراف فني وموضوعي من قبل المخرج السوري المعروف أسامة محمد المقيم في العاصمة الفرنسية باريس وعبر تواصل مع صانعة المادة الوثائقية وئام بدرخان استمر قرابة السنة " 11 شهراً " إلا أنه من الصعب وبمكان أن يخضع للمعايير الفنية التي حاولت وئام تعويضها بألق ملفت رغم الإشادة النقدية والقول رمزياً " لقد التقت في الفيلم عناصر الشعر والفنون التشكيلية والغناء والموسيقى " , ويمكن توثيقياً النفاذ الى مانشر صحفياً من تعليقات وأوصاف واكبت وثائقات وأفلام الربيع العربي ككل ، ومئلت قدراً من أدبيات المهرجانات المعقودة وتغطياتها الصحفية ،، مما قيل مثلاً نقدياً عما قُدّم عن ثورة الياسمين في تونس مايلي :: " بعض الأفكار تستدعي قدسية الصلوات ، فهناك لحظات تكون فيها النفس جاثيةً على ركبتيها مهما كان وضع الجسد ،، وماقيل في حراك سورية وماتم تصويره وثائقياً وعلى سبيل الذكر الفيلم المذكور" ماء بلون الفضة " وبطلته وئام بدرخان جاء ما معناه :: الألم ثمرة والله عز وجل لايضع ثماراً على غصن ضعيف غير قادر على حملها "" ,, وماقيل نقدياً أيضاً قي وصف عنصرالإيجاز والسرعة في أفلام الربيع العربي عموماً عبارة مفادها "" لاتقل لي كم هو القمر مضيء بل أرِني وميضاً من الضوء على زجاج محطّم " ,, وعبارة أخرى جاء فيها دفاعٌ عن الإيجاز والإختزال في المادة التي صورت رغم لهيب النار في الأفلام الوثائقية القصيرة ، جاء فيها " كثرة الإيضاح تفسد روعة الفن " ,,, ورغم أن هذه الأقوال التي راجت وتروج إعلامياً في أدبيات الصحافة منذ اندلاع أحداث المخاض العربي مع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين " بدايات عام 2011 " ونهايات عام 2010 " رغم كونها أقوالاً مستمدة من سيرة المفكرين والروائيين الكبار على المستوى الإنساني كلاً ، كفيكتور هيغو وأنطوان تشيخوف ومكسيم غوركي " إلا أنها بدت أشبه بكساء تم تفصيله على القدّ والمقاس تماماً ، سواء للفيلم أو للشريط الوثائقي التلفزيوني ,,, وربما كان بإمكاننا أن نوثّق بمجرد الذكر لبعض أسماء الأعمال الوثائقية سيما في الأفلام القصيرة أو مايسمى بأفلام " الومضة " لكن ماتم انجازه مازال قيد المتابعة ولم ينل من حقه عرضاً وتحليلاً كما يجب حتى يومنا ، ونحن نتجه لإتمام الربع الأخير من العام الخامس مذ اندلع الإنفجار في تونس أولاً حيث تجلت بعض العناوين هناك ، ثم في مصر ،، ثم في ليبيا ، في اليمن ، ثم في سوريا ، وكله بدا محكوماً بعزف وناظمٍ للإيقاع لما يحدث وفق المقام والموّال العراقي ؟ ,,, ومع التأكيد أنّ ثمةَ اتجاهاً وعملاً دؤوباً لجمع أكبر قدر ممكن من الوثائقيات للإشتعال عليها مستقبلاً ، فبإمكانك أن تتوّج بحثك بمثالين مما تم توثيقه وهما ليسا الأفضل نقدياً بالضرورة هنا ، مثال أول من تونس تجلّى بفيلم " الربيع التونسي " لرجاء العمّاري " وتم تصويره في شهر واحد نهاية عام 2013 ,, ومثال ثان بعنوان ميدان التحرير حققه مخرج ايطالي يدعى ستيفانو سافونا ، يقال إنه ذاب في قلب الحشود التي ظلت في وسط القاهرة بين يناير وفبراير 2011 ،، ووفق رؤى إخراجية وصفت بكونها أشبه بالحلم وينبغي التذكير هنا بأن الهيام السينمائي الإيطالي بالحراك العربي هيام قديم يعود للستينيات من القرن الماضي يوم تابع جيلنا عملاً هزّ وجدانه بمعنى الكلمة كما هز وجدان النقاد في مهرجان كان السينمائي وحمل اسم معركة الجزائر للإيطالي جيلو بونتيكور " جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية 1966 " ,,, ثمة تأكيد في الأخر على أن ثمة جيلاً حديثاً تماماً من صنّاع الأفلام يتقدم الأن ويتمتع بالمقدرة على انجاز سينما جديدة تماماً ، جيل تكونت رؤاه في رحم الأحداث عبر سنوات خمس ونصف السنة ، ومثاله على سبيل الذكر " مشروع سينما الشباب في سوريا الذي دخل عامه السادس ، وقد وصفته الدراسات المبكرة بأنه مختبر للمخيلة الجميلة الشابة في سنوات الحرب ، وقد يجعلنا هذا الخيال الوثّاب مع غيره عربياً وعالمياً وفي وقت قريب متمسكين بالقول ,,,, ياهلا بالربيع السينمائي ،، ياهلا بالورد ,,,,
مروان صواف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#يوم_المرأة _العالمي

#المرأة السورية فازت بالعديد من الحقوق غير المتاحة للمرأة في الدول العربية الأخرى.  المهم هو حضانة الأطفال حتى سن 15 سنة في حالة الخلافات الزوجية.  من الحقوق الأخرى التي تم الحصول عليها بشق الأنفس على حق الأطفال في الزواج بين النساء السوريات والآباء غير السوريين في الحصول على جنسية والدتهم.  إنه في الواقع حق مُعطى للأطفال ليكونوا قادرين على الاحتفاظ بالجنسية السورية ، لكنه كان مصدر قلق للنساء في سوريا  التي منحت المرأة الحق في منح جنسيتها لأطفالها.  سوريا 86 في المائة محو الأمية.  ارتفعت مستويات معرفة القراءة والكتابة لدى النساء من 33 في المائة في عام 1980 إلى 79 في المائة في عام 1999. والتعليم الابتدائي مجاني وإلزامي في سوريا ؛  أكثر من 51 في المائة من خريجي الجامعات في سوريا من النساء.  ... المرأة ممثلة تمثيلا جيدا في النظام القضائي ، والمدعي العام امرأة ، وهناك 170 قاضية و 250 قاضية مساعدة.  من الصعب الحصول على الإحصاءات ، لكن الوظائف الأكثر تفضيلاً للمرأة هي في التعليم والطب والرعاية الصحية.  57 في المائة من المعلمين في سوريا من النساء رغم أن عدداً أقل منهم يشغلون مناصب عليا في

كتاب "الثورة الصناعية الرابعة" لمؤلفه البروفسور كلاوس شواب

صدرت النسخة العربية من كتاب "الثورة الصناعية الرابعة" لمؤلفه البروفسور كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس). جاء الكتاب في 288 صفحة متوسطة، وحملت مقدمته توقيع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي. يناقش الكتاب في ثلاثة فصول مآلات وتحديات الثورة الصناعية الرابعة وتأثيراتها على البشرية سلبا وإيجابا. تناول الفصل الأول رؤية الثورة الصناعية الرابعة مستعرضاً السياق التاريخي للثورات الصناعية الثلاث التي شهدها العالم، حيث امتدت الثورة الصناعية الأولى من 1760 إلى 1840 وتميزت ببدء مرحلة الإنتاج الآلي، بينما بدأت الثورة الصناعية الثانية أواخر القرن التاسع عشر وامتدت حتى أوائل القرن العشرين وتميزت بظهور الكهرباء وتضاعف الإنتاج في المصانع، بينما انطلقت الثورة الصناعية الثالثة في الستينيات من القرن الماضي، وتميزت بتطور الإلكترونيات والحواسيب المركزية. الكاتــب  يرى  أن الثــورة الصناعيــة الرابعــة جــاءت فــي بدايــات هــذا القــرن، خاصــة مــع انتشــار  الثورة المعلوماتية وأجهــزة الهواتــف الذكيــة علــى نطــاق واســع حــول العالــم، ومــع

مراجعة /تلك العتمة الباهرة الفرنسية Cette aveuglante absence de lumière) طاهر بن جلون

تلك العتمة الباهرة الفرنسية Cette aveuglante absence de lumière)  المؤلف     طاهر بن جلون الناشر       دار الساقي عدد الصفحات          223 الأدب_المغربي تلك العتمة الباهرة رواية من أدب السجون، من تأليف الكاتب الفرنكفوني المغربي طاهر بن جلون، أحداث الرواية مستلهمة من شهادة عزيز بنبين، أحد المعتقلين السابقين في معتقل تزمامارت. أصدرها باللغة الفرنسية أواخر سنة 2000 وفازت بجائزة إمباك الأدبية . عزيز بنبين هو الشخصية المستلهمة في الرواية، المولود بمدينة مراكش سنة 1946، جمع تعليمه بين المدرسة الفرنسية الحديثة والمدينة العتيقة في مراكش، وبين صرامة الأدب الحديث ومتخيَّل الحكاية الشرقية. أمضى عشرين سنة رهينَ السجن، منها ثمانية عشرَ في معتقل تازمامَّرت . تروي الرواية الأحداث الواقعية، على لسان السجين عزيز، مأساة مجموعة من العسكريين الذين تورطو أو اتهموا بتنفيذ محاولة انقلاب الصّخيرات على الملك الحسن الثاني في عام 1971 . غوانتانامو المغرب قام أحد القادة العسكريين الكبار باقتيادهم نحو قصر الصُّخَيْرات الملكي، رغم أن المعلومة التي خرجوا من أجلها كانت من أجل المشاركة ف